الإثنين يوليو 7, 2025
Copied

حوار مع مؤسسة مبادرة "أحفاد الزيتون" لتعليم أطفال غزة في مصر

"هدفي تعافي أطفال غزة من صدمات الحرب".. حوار مع إسراء علي مؤسسة مبادرة "أحفاد الزيتون"

لوجين سامح

يا ترى إزاي الحروب بتأثر على الأطفال وبتسرق منهم طفولتهم؟

من حوالي سنتين، وبالتحديد يوم 7 أكتوبر، شوفنا مشاهد ولقطات للأطفال الفلسطينيين ماكناش نتمنى نشوفها أبدًا في يوم من الأيام. أطفال تحت الركام، أطفال أهلها بتموت قدام عينيها، وأطفال نفسهم يرجعوا المدرسة علشان يشوفوا أصحابهم ومُدرسينهم المفضلين.

مشاهد كتير زي ما غيّرت نظرتنا للحياة، غيّرت أكتر في الأطفال لأنهم عاشوها، وصعب جدًا ينسوها حتى لو عدى عليها سنين!وفي وسط الحرب والقصف والدمار، كلنا كنا بنحاول نساعد أهلنا في فلسطين، وبالأخص الأطفال، سواء بتبرع، أو مساندة، أو حتى دعاء، بس إسراء علي، مؤسسة مبادرة "أحفاد الزيتون"، قررت إنها تساعد أطفال فلسطين بطريقتها الخاصة. "إسراء" أسست المبادرة في القاهرة سنة 2024، اللي كان هدفها الأول والأساسي إنها تخلي كل الأطفال الفلسطينيين يتعافوا من صدمات الحرب، ومايبقاش فيه أي طفل متأخر تعليميًا.


"هدفي من أحفاد الزيتون هو تعافي أطفال غزة من صدمات الحرب"
في شهر 3 سنة 2024، فكرت إني أعمل مبادرة يكون هدفها الأول والأساسي هو تعافي الأطفال الفلسطينيين من صدمات الحرب، واللي خلاني أنفذ الفكرة بسرعة هو إن كنت بشوف عدد كبير من الأطفال متأخرين في التعليم والدراسة بسبب الحرب، وكمان شوفت "زيد" ابن صاحبتي اللي نزح هو وعيلته من غزة لـ مصر، وقد إيه طفل في سنه عنده سنتين ونص، وكان عايش في حالة من الرعب والتوتر، فمن هنا قررت إني أعمل مبادرة "أحفاد الزيتون" في القاهرة علشان أساعد كل الأطفال الفلسطينيين سواء تعليميًا أو نفسيًا.
إسراء علي – مؤسسة مبادرة "أحفاد الزيتون"

"التعليم والتعلم والتعافي": أهداف مبادرة أحفاد الزيتون

أطفال فلسطين عاشوا معظم حياتهم في حروب وقصف، فمن الصعب جدًا إنهم يتعافوا بسرعة، علشان كده لازم ياخدوا وقتهم في التعافي. "إسراء" بتقولنا إن أهداف مبادرة أحفاد الزيتون، هو التعليم والتعلم والتعافي، وإنهم يبنوا للأطفال بيئة آمنة، وأهم حاجة يحسوا بالأمان، لأن دي حاجة هما مُفتقدينها. "إسراء" كانت مركزة جدًا مع المتطوعين، في إنهم يبقوا عارفين يتعاملوا مع الأطفال اللي عندهم صدمات من الحرب، ويساعدوهم يعبروا عن كل مشاعرهم لحد ما يتجاوزوها.

من السوشيال ميديا.. بدأت الحكاية

مبادرة "أحفاد الزيتون" بدأت من على السوشيال ميديا، لما إسراء عملت فيديو وقالت مين عايز يتطوع معايا، وبعدين اتفاجئت إن فيه 6000 شخص سجلوا كمتطوعين، ومن اللحظة دي حسّت بفخر وبمسئولية. "إسراء" بتحكيلنا إن أكبر تحدي واجههم في البداية هو إنهم هيمولوا المشروع إزاي، بس فجأة كل التحديات قدروا يعدوها، "إسراء" بتعتبر إن دي رسالة من ربنا، إن هي ماشية في طريق صح، علشان كده ربنا كان واقف معاهم.

"أنا بقيت ست الناظرة بعد ما بدأت أحفاد الزيتون"

أنا شخصيتي اختلفت كتير، ده غير إن اللي بيحصل في غزة غيّر كل الناس، بس كمان بعد ما بدأت المبادرة بقيت ست الناظرة، يعني أنا قبلها كنت مسؤولة عن نفسي وبس، لكن بعد المبادرة أنا بقيت مسؤولة عن عدد كبير من الأطفال، وطبعًا لازم أكون صارمة في بعض الأوقات، وأكون حنينة في بعض الأوقات التانية، لأن دي مسؤولية كبيرة.

إسراء علي – مؤسسة مبادرة "أحفاد الزيتون"

شعب اتسلب منه حق الاختيار
تخيل تصحى في يوم وييجي حد يقولك أنت لازم تطلع من بيتك حالًا علشان هناخده، وماتبقاش عارف هتروح فين لأن كل الأماكن منهارة ومقصوفة!
"إسراء" بتكلمنا عن إن الشعب الفلسطيني اتسلب منه حق الاختيار، مابقاش عندهم حرية الاختيار حتى في أبسط الأشياء، وكان هدفها في المبادرة إنها تدي للأطفال ولأهلهم حرية الاختيار في كل حاجة. "إسراء" بتقولنا إن بالرغم من إنها Project Manager، إلا إنها كانت ماشية اليوم بيومه، لأن الطريق في كتير من الأوقات ماكنش بيبقى واضح، يا ترى هيحصل هدنة والأطفال هيرجعوا لبلدهم؟ طيب يا ترى الحرب لسة هتستمر؟ بس "إسراء" اتعلمت من أهالي الأطفال الفلسطينيين مبدأ "التوكل" وده اللي خلاها تكمل في المبادرة لحد النهارده.

"أحفاد الزيتون": برنامج ما بعد المدرسة

أول ما تدخل "أحفاد الزيتون" هتلاقي أطفال من مختلف الأعمار، من أول 6 سنين لحد 16 سنة، والمناهج اللي بيدرسوها الأطفال في المبادرة هي نفس المناهج المقررة في فلسطين، أما الكبار بيتعلموا مواد زي البرمجة، والجرافيك ديزاين، والتطريز، والمسرح، وجلسات علاج نفسي، وتسويق. "إسراء" بتقولنا إن مبادرة "أحفاد الزيتون" هي مش مدرسة أو بديل للمدرسة، إنما هي برنامج ما بعد المدرسة، وبيسلطوا الضوء أكتر على الصحة النفسية للأطفال."العلاج بالفن" و"المسرح".. طرق مختلفة لعلاج الأطفال من صدمات الحربمبادرة "أحفاد الزيتون" بتحاول تشتغل مع الأطفال بطرق مباشرة وغير مباشرة، الطرق المباشرة زي جلسات العلاج النفسي، والعلاج بالفن والمسرح، أما الطرق غير المباشرة، هي إن الأطفال يكونوا في مكان آمن وفي بيئة بتدعمهم. "إسراء" بتحكيلنا إن الألوان اللي في المكان، واللي هي من اختيار المعالجين النفسيين، لأنها بتعمل بهجة، وبتحسس الأطفال بشعور إيجابي.

"العلاج بالفن" و"المسرح".. طرق مختلفة لعلاج الأطفال من صدمات الحرب

مبادرة "أحفاد الزيتون" بتحاول تشتغل مع الأطفال بطرق مباشرة وغير مباشرة، الطرق المباشرة زي جلسات العلاج النفسي، والعلاج بالفن والمسرح، أما الطرق غير المباشرة، هي إن الأطفال يكونوا في مكان آمن وفي بيئة بتدعمهم. "إسراء" بتحكيلنا إن الألوان اللي في المكان، واللي هي من اختيار المعالجين النفسيين، لأنها بتعمل بهجة، وبتحسس الأطفال بشعور إيجابي.

قصص الأطفال تتحول لقصص حروب ودمار في العادي احنا الكبار اللي بنحكي قصص للأطفال، وبتكون كلها قصص من وحي الخيال، بس تخيل لما طفل سنه لسه ما تعداش الـ 5 سنين يحكيلك هو القصة؟ وماتكونش قصة للأطفال ومن وحي الخيال، دي قصة واقعية مليانة حروب ودمار وبتحصل كل يوم!
"إسراء" بتحكيلنا إن بعد ما بدأت المبادرة بأسبوعين، كانت عاملة Story Time، علشان الأطفال والكبار يحكوا فيها قصص، واتفاجئت ببنت عندها 6 سنين حكيتلها قصة إن إزاي قوات الاحتلال هجموا على بيتهم وأخدوا باباها واخواتها وكسرولهم البيت، "إسراء" قالتلنا إن البنت كانت بتحكي القصة كأنها بتحكي قصة عادية، ومعظم الأطفال في المبادرة بيحكوا قصص مُشابهة، زي إنهم نزحوا إزاي من غزة لـ رفح، وإزاي أهلهم استُشهدوا قدام عينيهم، وإزاي الأطفال نفسهم كانوا تحت الركام، وإزاي عملوا عمليات من غير بنج.


"الأطفال بيرسموا اخواتهم اللي استُشهدوا"

طول الوقت في المبادرة، بنحاول نخلي الأطفال يطلعوا كل الأحاسيس اللي هما حاسينها سواء عن طريق جلسات العلاج النفسي، أو العلاج بالرسم، ووقتها شوفت الأطفال وهما بيرسموا اخواتهم اللي استُشهدوا، وبيرسموا كمان بيتهم وهو مقصوف.
إسراء علي – مؤسسة مبادرة "أحفاد الزيتون"

في أحفاد الزيتون.. الولد مش مجبور يبقى قوي طول الوقت

معروف في مجتمعاتنا العربية إن مافيش راجل بيعيط، مهما كان مُتألم وبيمر بمشاكل نفسية كتير، ولو شافوك بتعيط هتبقى عيبة في حقك! بس في مبادرة "أحفاد الزيتون" الولاد مش مجبورين إنهم يكونوا أقوياء طول الوقت.
"إسراء" بتحكيلنا إن الولاد في مبادرة أحفاد الزيتون ليهم مساحة في التعبير عن كل حاجة مضيقاهم، وكل الأحاسيس اللي مسببة ليهم ألم وحزن، وبيحاولوا دايمًا طول الوقت إن يخلوهم يعبروا بكل الطرق، سواء بالحكي، أو جلسات العلاج النفسي، أو العلاج بالفن زي المسرح والرسم.

"مافكرتش لحظة في تسجيلي للتطوع" كل ما كنت بفتح السوشيال ميديا وقت الإبادة الجماعية على غزة، كنت بحس بعجز مش طبيعي، وكنت مستنية الاقي فرصة حقيقية علشان اساعد أهل فلسطين بأي شكل، لحد ما شوفت الفيديو بتاع إسراء وهي بتقول إنها عايزة متطوعين معاها في مبادرة أحفاد الزيتون، ومافكرتش لحظة وسجلت على طول، وكنت من أوائل الناس اللي اتقبلت.
سارة حامد – إدارية ومستشارة الصحة النفسية بمبادرة "أحفاد الزيتون"
التعبير عن المشاعر: من أهم أولويات أحفاد الزيتون في مبادرة أحفاد الزيتون، المتطوعين كلهم مركزين إن الأطفال يعبروا عن مشاعرهم من غير خوف. "سارة" بتقولنا إن من أكتر الحاجات اللي بتعلّمها للأطفال هي التعبير عن المشاعر، لأن معظمنا لما بنمر بأي مشكلة بنكتمها جوانا ومابنقدرش نعبر، فما بالك لو كانت المشكلة دي لأطفال اتعرضوا لصدمات حرب، وتشتت، وفراق عن أهلهم. "سارة" بتحكيلنا إنها دايمًا بتسمعهم علشان يحسوا إنهم أخف، وإن فيه حد فعلًا موجود وحاسس بيهم.


"الانغلاق أكبر تحدي واجهته مع الأطفال"
الصعوبات اللي أنا واجهتها مع الأطفال إنهم كانوا منغلقين، وكمان هما مختلفين عن بعض تمامًا، يعني فيه أطفال ماكنتش بتقدر تتعود على الناس بسرعة، فيه أطفال كانت على طول عايزة تهزر، ودي كانت وسيلة بيستخدموها علشان يقدروا يتعاملوا مع الحياة بعد اللي شافوه، بس دايمًا كنت حاسة إنهم منغلقين ومهما اتكلموا أو حكوا، كنت بحس إن فيه حتة معينة هما مش هيفتحوها، وده كان بيأثر على التعليم، وعلى الصحة النفسية بشكل عام.
سارة حامد – إدارية ومستشارة الصحة النفسية بمبادرة "أحفاد الزيتون"

مشاهد ستبقى في الذاكرة إلى الأبد كام مشكلة أو أزمة عديت بيها في حياتك، وكام مرة فضلت فاكر من الأزمة دي مشاهد مش هتتنسي مهما عدى عليها سنين؟ صحيح إن المشاكل والأزمات بتعلّم وبتقوينا، بس الحروب والدمار بيألم وبيهد!

"سارة" بتقولنا إن أكتر حاجة الأطفال فاكرينها ومش عارفين يتخطوها أبدًا، هي مشاهد وأصوات القصف، وممكن فجأة وهما قاعدين في حصة يتكلموا عن حكاية قصف حصلت وشافوها، أو حد من أهلهم استُشهد، وكمان صوت الطيارات، اللي أي طفل لما بيسمعها كان بيستخبى ويفتكر إنها قذيفة.

"أطفال أحفاد الزيتون علموني معنى المقاومة" أنا شخصيتي اختلفت كتير قبل التطوع، وبعد التطوع في مبادرة أحفاد الزيتون، واتعلمت من أطفال غزة حاجات كتير زي الصمود، والأمل، ومعنى المقاومة، والإصرار، وحبهم لأرضهم ووطنهم حتى لو هما بُعاد عنه، واتعلمت من التجربة كلها معنى العطاء بدون مقابل، يعني أغلب المتطوعين اللي هنا عندهم شغلهم، بس مُصرين ييجوا ويتطوعوا علشان يساعدوا أطفال غزة.
سارة حامد – إدارية ومستشارة الصحة النفسية بمبادرة "أحفاد الزيتون"

اتبرع لـ "أحفاد الزيتون" إزاي؟

لو عايز تساعد أطفال غزة تعليميًا ونفسيًا، تقدر تتبرع لمبادرة أحفاد الزيتون في القاهرة، عن طريق موقعهم aaz.life وهناك هتختار Contribute to child sponsorship وتتبرع بالمبلغ اللي تقدر عليه للمؤسسة عن طريق الفيزا أو انستا باي، أما لو حابب تتطوع في المبادرة، فمن خلال نفس الموقع تقدر تسجل طلب تطوع.

"بحلم إن أحفاد الزيتون ماتتغيرش أبدًا"
حلمي لأحفاد الزيتون إنها ماتتغيرش أبدًا، لأن المكان اتبنى بناس كلها نقية، والمكان نفسه روحه نقية، ناس ماتعرفش بعض اتجمعوا بس علشان يساعدوا أطفال غزة، بنوا المكان، ودهنوه، وجابوا الديكورات، وأدوات التنضيف. وحلمي الكبير إن كل طفل مهما كانت جنسيته، يحس بكل الأحاسيس اللي أطفالنا في المبادرة حسوها، لأن الأحاسيس دي كلها كانت مليانة بالأمان والحب والانتماء للمجتمع، ومهم جدًا إن الأطفال ترجعلها طفولتها.

إسراء علي – مؤسسة مبادرة "أحفاد الزيتون"

×